نصيحةٌ وتحذير : نصيحة لغير الملتزمين بنصائح ولاة الأمور تجاه وباء كورونا
بسم الله الرحمن الرحيم
نصيحة لغير الملتزمين بنصائح ولاة الأمور تجاه وباء كورونا
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته، شيخنا حياك الله، نلاحظ هذه الأيام عدم التزام بعض الناس بتعليمات ولاة
أمورنا بخصوص وباء كورونا مثل الالتزام بالبيوت والخروج للضرورة او الحاجة، بل
منهم من يخرج في الوقت الممنوع والأدهى والأمر نلاحظ هذه التصرفات حتى في المستقيمين
فمانصيحتكم لهؤلاء؟
الجواب: كنت
نصحت من قبل بلزوم قرارات رئيس الجمهورية في لزوم البيوت وعدم الخروج إلا في الوقت
الذي سمحوا فيه بالخروج، ولا شك أن هذا القرار رشيد، ورأي سديد يصب في قالب درء
المفاسد وتقليلها، لأنه لوحظ أن من أهم أسباب انتشار الوباء وتوسعه استهانة الناس
به، وعدم أخذ الحيطة والحذر، فخرجوا من بيوتهم واجتمعوا بالناس واحتكوا بهم
فانتقلت العدوى، وعظمت البلية. فإذا لم يكن هناك تعاون جدي مع هذه القرارات، لا
يمكن محاصرة الوباء والقضاء عليه، وتصير الجهود المضنية التي تبذلها الدولة
الجزائرية على رأسها رئيسها تذهب سدى وسبهللا. وليحذر المرء فقد يكون سببا في هلاك
الناس وهو لا يشعر، لذا أجدد مناشدتي للمواطنين أن يلتزموا بهذه التوصيات ويقعدوا
في بيوتهم، فمن دخل بيته فهو آمن وقد قص الله تعالى علينا قصة النملة مع سليمان
فقال: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ
وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ
النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا
يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)﴾ [النمل]. فهذه النملة الحكيمة نصحت أخواتها من النمل وأمرتهن بالدخول الى
مساكنهن لما شعرت بالخطر من أن يدسهن سليمان وجنوده من غير قصد. وهذا يدل على أنه
إذا شعر العبد بخطر محدق فليلتزم بيته يكن آمنا ولهذا أمرنا النبي -عليه الصلاة
والسلام- بلزوم البيوت عند نزول الفتن. ثم إن في لزوم البيوت في هذا الظرف العصيب
خير، ﴿وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ
خَيْرٌ لَّكُمْ﴾[البقرة:216]
و﴿عَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا
وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾[النساء:19]، فزيادة على الوقاية من الوباء هذه فرصة ثمينة للاجتهاد في
العبادة في البيوت من: صلاة الضحى، والنوافل، وقيام الليل، وصيام النهار، وقراءة
القرآن، والمحافظة على الورد، وأذكار الصباح والمساء، والجلوس مع الأهل والأولاد،
وأخذ الراحة، ومحاسبة النفس، والبكاء على الخطيئة، وتجديد العهد مع الله، وكثرة
الاستغفار فإنه يدفع البلاء كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ
مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾[الأنفال:33]، والإلحاح في الدعاء، والإسراع إلى التوبة النصوح،
وغير ذلك من المحاسن والحكم والمعاني المستفاد منها في لزوم البيت. ولا يشغلك عنها
عمل، ولا سمر، ولا تعب، ولا نصب، ولا اجتماع في المقاهي، واللقاء في النوادي، فهذه
فرصة سانحة فمن استغلها فهو مغبوط مرحوم، ومن حرمها فهو مغبون محروم، وقد قال
-عليه الصلاة والسلام-: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ». وقال -أيضا-: «اغتنم خمسًا قبل خمسًا» منها: قال: «فراغك قبل شغلك». هذه نصيحتي لإخواننا عسى الله أن يوفقنا الى العمل بها واسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن
يرفع عنا البلاء والوباء، ويجنبنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، ويعيذنا من
الأوجاع والأمراض وسيء الأسقام، ونسأله تعالى أن يرحم موتانا ويشفي مرضانا ويعافي
مبتلانا، كما نسأله تعالى أن يعين رئيس الجمهورية وأعوانه والأجهزة الأمنية
والأطباء وأعوانهم وكل من هو ساهر على سلامة الوطن والمواطنين ومحاربة هذا الوباء
العضال أن يعينهم على أداء مهامهم ويفرغ عليهم الصبر والثبات ويحفظهم ويعافيهم
ويجزيهم الأجر والمثوبة.
ـ الشيخ عبد المجيد جمعة -حفظه الله.